اعلم أنّ للتفكّر فضائلَ كثيرة، فهو مفتاح أبواب المعارف وخزائن الكمالات والعلوم، وهو مقدّمة لازمة وحتميّة للسلوك الإنسانيّ، وله في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تعظيم بليغ وتمجيد كامل، كما إنّ تاركه مُعيَّر ومذموم | ينظر كتاب: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للفخر الرازي ص 87، ص 115 المرجئة: سُمُّوا بذلك لقولهم بالرجاء، وأصل الإرجاء التأخير وذلك أنهم أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان، وقيل: من إعطاء الرجاء حيث قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقيا الإرجاء: تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة فلا يقضي عليه بحكم في الدنيا |
---|---|
وفي رواية متفق عليها «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» أي مردود عليه غير متقبل منه كائنًا من كان |
وقال يوسف بن الحسين الرازي: " أعزُّ شيء في الدنيا الإخلاص وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، وكأنه ينبت فيه على لون آخر ".
11وقال تعالى: }قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُـمْ مِـنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ | كما تبطل عبادة المرء إذا مَنَّ بها على عباد الله، سواء كانت مالية أو غيرها، فالمنُّ بالصدقة يُبطلها، وكذا المنُّ في تعليم الجاهل وإرشاد السائل، والعطية والهدية والشفاعة ونحو ذلك |
---|---|
ونحسب أنّ هذا الاتّجاه في إعطاء هذه القيمة لعبادة الفكر، وتفضيلها على العبادة المألوفة التي لا تعيش مع المعرفة، يعطينا الفكرة الصحيحة عن المضمون الإسلامي للحياة الذي يبتعد عن الشكل ليرتبط بالمضمون، ويرفض الصورة إذا كانت بعيدة من الجوهر | }واتبع ملة إبراهيم { أي دينه وشرعه |
قال ابن كثير — رحمه الله — " ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئًا، بل يعبدونه وحده، ويتوكَّلون عليه، ويلجئون في جميع أمورهم إليه " | |
---|---|
كما نهى — تعالى — عباده الذين ارتكبوا المحرَّمات وأسرفوا على أنفسهم ألا يقنطوا من رحمة الله، وعليهم الاستقامة ورجاء ثوابه، فقال تعالى: }قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ { | ومن تأمَّل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأنَّ أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح، وهل يميز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كلِّ واحد منهما من الأعمال التي ميزت بينهما، وهل يمكن لأحدٍ الدخول في الإسلام إلاَّ بعمل قلبه قبل جوارحه، فعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم، فهي واجبة في كلِّ وقت، ولهذا كان الإيمان واجب القلب على الدوام، والإسلام واجب الجوارح في بعض الأحيان، فمركب الإيمان القلب، ومركب الإسلام الجوارح" |
قال ابن القيم رحمه الله : " قَالَ الْفضيل: التفكر مرْآة تريك حَسَنَاتك وسيئاتك.
22