وقد تغيَّر وانحرف مفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم عند البعض, فبعد أن كانت محبته تعني طاعته واتباعه في كل أمر، وإيثاره على كل مخلوق, صار مفهومها عندهم تأليف صلوات مبتدعة, وإقامة موالد, وإنشاد قصائد في حبه ومدحه صلى الله عليه وسلم يصل بعضها إلى حدَّ الوقوع في الشرك، وذلك بالاستغاثة والاستعانة به, والطلب منه، ورفعه إلى مرتبة الألوهية، وكل ذلك من الغلو والانحراف الذي طرأ على المعنى الحقيقي لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ومفهومها | أيها المؤمنون عباد الله: ومن ابتُلوا بالاحتفالات البدعية؛ كالاحتفال بمولد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يسْلم كثير من هؤلاء من قصائد ينشدونها في ليلة المولد وغيره من ليالي الاحتفالات التي توصف بأنها دينية والحقيقة أنها بدعية؛ فينشدون فيها من القصائد القائمة على الغلو في شخصه -عليه الصلاة والسلام- |
---|---|
أيها المؤمنون عباد الله: ولقد كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- ناصحًا أمينًا فحذَّر الأمة أشد التحذير من الغلو فيه -عليه الصلاة والسلام-، وقد تكاثرت عنه الأحاديث في ذلك؛ ولاسيما عند سماعه -صلى الله عليه وسلم- كلامًا فيه شيء من الغلو فيه -عليه الصلاة والسلام- | ثالثاً: أن الصحابة رضي اللّه عنهم أتقى الناس للّه تعالى وأشدهم حرصاً على الخير، وأعظم محبة للنبي صلى اللّه عليه وسلم ممن جاء بعدهم، ومع ذلك لم يحتفلوا بمولده صلى اللّه عليه وسلم ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ونحن مأمورون بالاهتداء بهديهم والسير على طريقتهم كما في حديث العرباض بن سارية رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة «رواه أبو داود والترمذي» |
بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ"، وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: « يَا مُحَمَّدُ يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا»، فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ؛ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ" | ـ ويلحق بالجفاء مع النبي صلى الله عليه وسلم عدم معرفة شمائله وأخلاقه، وخصائصه ومعجزاته التي خصّه اللهُ بها لعلو قدره ومنزلته، إذ معرفة سيرته وخصائصه ومعجزاته تزيد المسلم حباً وتوقيراً، وأدباً واتباعاً له صلوات الله وسلامه عليه |
---|---|
ـ ومن الجفاء معه صلى الله عليه وسلم الانتقاص من قَدْر أحد أصحابه رضوان الله عليهم، فْضلاً عن سبِّه وشتمه، فهم أصحابه الذين صاحبوه، وأحبهم وأحبوه، وكان لهم شرف الصحبة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه رواه البخاري | اذكر صورتين من صور الغلو المحرم في آل بيت النبي صلى الله وعليه وسلم يجب على المُسلم الابتعاد عن الغلو في الحياة والالتزام التام بدعوة الله تعالى والاستغاثة به في الشدائد وأنّ يكون على علم تام في الحياة أنّ الخير والنفع والضر من عند الله عز وجل، وقدمنا لكم في مقالنا اذكر صورتين من صور الغلو المحرم في آل بيت النبي صلى الله وعليه وسلم |