اذان الصبح في الرياض. غزوة خيبر

ولم يثن من عزمهم مَنعة حصونهم، بل تحركوا إلى تملؤهم الثقة بالله، والاطمئنان إلى وعده بالنصر، وتدفعهم الصافية وإخلاصهم لإعلاء كلمة ، فانطلقوا مهللين مكبرين رافعين أصواتهم بذلك، حتى أمرهم رسول الله أن يرفقوا بأنفسهم، وقال لهم: "إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم" إن هذه الغزوة توضح معلمًا عامًا لخطة لتوحيد تحت راية ، وتحويلها إلى قاعدة لنشر في العالمين، فقد خطط محمد ألا يسير إلى إلا بعد أن يكون قد مهد شمال إلى حدود ، وأن تكون الخطوة الأخيرة هي الاستيلاء على وغيرها من المراكز اليهودية شمال الحجاز وخاصة خيبر وفدك ؛ ليحرم القبائل المحيطة به من أي مركز يمكن أن يعتمدوا عليه في مهاجمة الناشئة
ويدل على كثرة ما رواه عن ابن عمر قال: ما شبعنا حتى فتحنا ، وما رواه عن قالت: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من ، ولما رجع النبي إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل أما فلم يجترئوا للخروج من الحصن، وللاشتباك مع قوات المسلمين، ولكنهم قاوموا مقاومة عنيدة برشق النبال، وبإلقاء الحجارة

غزوة خيبر

كانت هي وكر الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة ، فلا ننسى أن أهل هم الذين حزبوا الأحزاب ضد ، وأثاروا على والخيانة، ثم أخذوا في الاتصال - الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي - وبغطفان وأعراب البادية، وكانوا هم أنفسهم يستعدون للقتال، وقد عاش بسببهم محنًا متواصلة، اضطرت المسلمين إلى الفتك ببعض رؤوسهم أمثال سلام بن أبي الحقيق وأسير بن زارم، ولكن كان لابد من عمل أكبر من ذلك إزاء هؤلاء ، وما كان يمنع النبي من مجابهتهم إلا وجود عدو أكبر وأقوى وألد ألا وهو.

16
النوافل ومتى تصلى
النوافل ومتى تصلى
وإنه لموقف صعب حقًّا، في ضائقةٍ وجوع شديد، وبدأت اللحوم تنضج ورائحة اللحوم بدأت تظهر، متشوِّقون للأكل، ثم أتى النهي من عند رسول
غزوة خيبر
لم يستجب لدعوة المسلمين لهم بالدخول في ، وأصروا على القتال، بل أخرجوا أحد قادتهم الكبار ليحارب ، وكانت عادة الحروب القديمة أن يبدأ القتال بمبارزة بين من كلا الجيشين، والمنتصر في هذه المبارزة يُعطي دفعة معنوية كبيرة لفريقه إن انتصر في هذه اللحظات الأولى من القتال؛ أخرج أحد أبطالهم، وكان من أشد الفرسان في تاريخ العرب بصفة عامَّة، وهذا الرجل كان اسمه مَرْحَبًا، وكان رجلاً عملاقًا ضخم الجثة، وخرج للقتال وطلب ، فخرج له ، وسَرْعان ما دارت المبارزة بين الاثنين، وضرب مَرْحبًا اليهوديّ ضربة كبيرة، ولكن الضربة طاشت ولم تصل إلى مَرْحَب، وأكملت الطريق إلى رُكبة عامر فَقُتل بسيفه، فاستشهد، فقال الصحابة: قد قتل نفسه
نوافل مطلقة غير مقيّدة بوقت النوافل المطلقة غير المقيّدة بوقت هي النّوافل التي تُصلى بأي عددٍ وتصلّى بأيّ وقتٍ إلا أوقات الكراهة الخمسة؛ وهي: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح في السماء، وعند قيام الشمس حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى غروبها، وإذا بدأت بالغروب حتى يتمّ، وليس لها عددٌ محدّد، ولا وقتٌ محدّد، ولا مكانٌ محدّد، ولا تُشرع لحالٍ محدّد، وهي مشروعةٌ للمسافر والمقيم، ولا بدّ لها من ، فينوي المصلي قبل الشروع فيها، ويجوز له جمعها مع غيرها من النوافل، كأن يجمعها مثلاً مع سنّة المغرب ، إلى أن قال لها النبيّ: وذَاكَ ضُحًى ، وقت صلاة الخسوف والكسوف يبدأ وقت صلاة الخسوف عند بدء خسوف القمر، ويستمرّ إلى أن يذهب الخسوف، ويبدأ وقت صلاة الكسوف عند بدء كسوف الشمس، ويستمرّ إلى أن يذهب الكسوف، سواءً ذهب الضوء كلياً أم جزئيّاً، وتُصلّى الصلاتان خلال وقتهما، فكما نرى ليس وقت محدّد، بل ما يحدّده هو حدوث الكسوفِ أو الخسوف بغضِ النظرِ عن الوقت
واختلف أهل هل جري هناك في أي من حصونها الثلاثة أم لا؟ فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص، بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسلام وخرج أخو مرحب -وكان اسمه ياسرًا وكان يريد الثأر لأخيه، وكان من عمالقة أيضًا- يطلب القتال، فخرج له ، واستطاع أن يقتل ياسرًا أخا مَرْحب، وكان ذلك بداية الانتصار للمسلمين

النوافل ومتى تصلى

ولكن ما حدث كان في الحقيقة أزمة، وحدث نوع من الهزَّة عند ، وارتفعت الروح المعنوية عند ، ووقف مَرْحَب القائد اليهودي يطلب القتال من جديد بعد أن ارتفعت معنوياته في هذه اللحظات الأولى من ، فخرج له البطل الإسلامي حاملًا راية في غزوة ، ودار بينهما قتال شديد عنيف، ثم مَنَّ على بالنصر، كما تنبأ بذلك ، وقتل مَرْحبًا، وكان قتله إشارة كبيرة إلى أن النصر سيكون للمسلمين إن شاء الله؛ لأن هذا الرجل كان أقوى رجلٍ في ، وكان اليهود لا يتخيلون أبدًا أن يقتله أحدٌ من المسلمين.

26
غزوة خيبر
ولما أشرف الجيش الإسلامي على ، وقف النبي يدعو ربه ويستنصره، فقال: "اللهم رب السماوات السبع وما أظلَلْن، ورب الأرَضين السبع وما أقلَلْن، ورب وما ذرين، ورب وما أضللن، نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها"
غزوة خيبر
ولكن علق بعد ذلك على هذه الحادثة، وأثنى على ، وقال : "إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ"، وجمع بين إصبعيه، ثم قال: "إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلُهُ"؛ يعني نادرًا من الذي مشى في أرض المعركة مثل
غزوة خيبر
وذكر أن محمد أمر بقتل ابني أبي الحقيق، وكان الذي اعترف عليهما بإخفاء المال هو ابن عم كنانة