من مراتب القدر. المبحث الثاني: مراتب القدر:

قال الشيح ابن سعدي ـ رحمه الله ـ : " إن الله كما أنه الذي خلقهم ـ أي الناس ـ ، فإنه خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم ؛ ثم هم فعلوا الأفعال المتنوعة : من طاعة ومعصية ، بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقها الله الدرة البهية شرح القصيدة التائية ص 18 التحذير من الخوض بالعقل في مسائل القدر : الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله تعالى على الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القوي لمدى معرفة الإنسان بربه تعالى ، وما يترتب على هذه المعرفة من يقين صادق بالله ، وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ، وذلك لأن القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها ، وقد كثر الاختلاف حول القدر ، وتوسع الناس في الجدل والتأويل لآيات القرآن الواردة بذكره ، بل وأصبح أعداء الإسلام في كل زمن يثيرون البلبلة في عقيدة المسلمين عن طريق الكلام في القدر ، ودس الشبهات حوله ، ومن ثم أصبح لا يثبت على الإيمان الصحيح واليقين القاطع إلا من عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، مسلِّماً الأمر لله ، مطمئن النفس ، واثقاً بربه تعالى ، فلا تجد الشكوك والشبهات إلى نفسه سبيلاً ، وهذا ولا شك أكبر دليل على أهمية الإيمان به من بين بقية الأركان مرتبة الكتابة وهنا يقصد بمرتبة الكتابة، ان الله تبارك وتعالى قد كتب علمه منذ قديم الازل، وذلك قبل ان يخلق الله بخمسين ألف سنة، ولكن ذلك أيضا لا يعني اجبار اعبد على شيء
الرابعة: الخلق: أي أن الله خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد لكن قبل البدء بالاجابة عن السؤال لابد من توضيح مفهوم القدر

مجمل اعتقاد أهل السنة في القضاء والقدر

عباد الله: قال النووي في بيان موقف هؤلاء الطاعنين في القدر: "وَأَمَّا قَوْله أَوَّل مَنْ قَالَ فِي الْقَدَر فَمَعْنَاهُ أَوَّل مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْقَدَر فَابْتَدَعَ وَخَالَفَ الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ أَهْل الْحَقّ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ إِثْبَات الْقَدَر وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَّرَ الأشْيَاء فِي الْقِدَم، وَعَلِمَ سُبْحَانه أَنَّهَا سَتَقَعُ فِي أَوْقَات مَعْلُومَة عِنْده -سبحانه وتعالى- وَعَلَى صِفَات مَخْصُوصَة فَهِيَ تَقَع عَلَى حَسْب مَا قَدَّرَهَا -سبحانه وتعالى-، وَأَنْكَرَتْ الْقَدَرِيَّةُ هَذَا وَزَعَمْت أَنَّهُ -سبحانه وتعالى- لَمْ يُقَدِّرهَا وَلَمْ يَتَقَدَّم عِلْمه -سبحانه وتعالى- بِهَا وَأَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةُ الْعِلْمِ أَيْ إِنَّمَا يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ بَعْدَ وُقُوعِهَا وَكَذَبُوا عَلَى اللَّه -سبحانه وتعالى- وَجَلَّ عَنْ أَقْوَالهمْ الْبَاطِلَة عُلُوًّا كَبِيرًا.

29
ما هي مراتب القدر الأربع
ولهذا، نقول في ضرب الأمثلة المتعلقة بهذه المسألة العظيمة
من مراتب الإيمان بالقدر: مرتبة الخلق
نعم -يا عباد الله-؛ فالقدر أصله علم الله تعالى الشامل للماضي وللحاضر وللمستقبل
من مراتب القدر هي
القدر هو قضاء الله، ويجب على المسلم، ان يؤمن بقضاء الله وقدره، وان يكونوا على ثقة بان الله يريد الخير لعباده، فهو الذي يقدر لهم الرزق، والعمل والصحة والانجاب، وهنا سنقدم من مراتب القدر هي
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ثم قال بعد ذلك عن مرتبتي العلم والكتابة: علم الله السابق بالأشياء علم أزلي، والله سبحانه وتعالى عِلْمُهُ صفة ذاتية له، فما شاء الله عز وجل أو أراد أن يُوقِعَهُ في ملكوته، مُوَقَتاً بوقته، مُقَدَّراً بزمان وصفته، فإنه سبحانه وتعالى عَلِمَ ذلك على وجه التفصيل لكمال علمه وأنه سبحانه بكل شيء عليم
فأما العلم فليس له أول؛ لأن علم الله تعالى صفة ذاتية، فهو أزلي لم يزل موجودا الرابعة: الخلق والتكوين، أي أن الله خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد، كما دلت على ذلك النصوص

المبحث الثاني: مراتب القدر:

.

18
من مراتب الإيمان بالقدر: مرتبة العلم
وكثير منها طوى علمه عن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، فضلا عن غيرهم من العالمين، وأنه يعلم ما في البراري والقفار، من الحيوانات، والأشجار، والرمال والحصى، والتراب، وما في البحار من حيواناتها، ومعادنها، وصيدها، وغير ذلك مما تحتويه أرجاؤها، ويشتمل عليه ماؤها
مراتب القَدَر
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
ما هو القدر
مرتبة الخلق تُبين مرتبة الخلق بأن فعل العبد مخلوق لله تعالى، حيث إنّ الموجودات بين خالق ومخلوق ولا ثالث لهما، فالأفعال إما مخلوقة لله، وهذا هو الحق والصواب، وسار عليه الأشاعرة على تفصيل عندهم، وإما مخلوقة للعبد وهذا مذهب الاعتزال، وإما هي خالقة لا مخلوقة، وهذا أمر مُمتنع، لأنها كانت بعد أن لم تكن، ووُجدت بعد عدم، وما كان عدماً لا يمكن أن يوجد نفسه
والحديث رواه أبو داود 4700 من حديث أبي حفصة, وصححه الألباني وقوله صلى الله عليه وسلم : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم 2653
فهذه موافقة منهم لأهل السنة في إثبات هذه المراتب الأربع في الجملة، ولهم مخالفات في بعض التفصيلات مثل كلامهم في الإرادة، وإطلاق القول بإنكار تأثير قدرة العبد في الفعل، وفي منع تأثير الأسباب في مسبباتها مطلقاً، مبالغة منهم في إثبات توحيد الأفعال لله تعالى! ونزيده توضيحا هنا في ما يتعلق بمسألة الترتيب الزمني بين مراتب التقدير، وهي العلم والكتابة والمشيئة والخلق

مراتب القدر

ثم ضرب خمسة أمثلة، ينبغي للسائل أن يرجع إليها، بل يقرأ الشرح كله، ليزول عنه ما يجد في هذا الباب، وليقف على جلية مذهب أهل السنة فيه.

23
مراتب القدر
مرتبة الخلق ان مرتبة الخلق هي ان فعل الخلق هي مخلوق من الله تعالى، وذلك لان الموجودات التي بين الخالق والمخلوق لا يوجد ثالث لهم، فأفعال العباد اما انها مخلوقة لله، وهو الصواب والحق بشكل كبير، واما هي مخلوقة للعبد، او اما هي خالقة لا مخلوقة، وهو ام ممتنع
ما هي مراتب القدر
وأما الكتابة فهي حادثة ومتأخرة عن العلم، وقد كانت قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة
من مراتب الإيمان بالقدر: مرتبة الخلق
أيها المؤمنون: إن مقتضى مرتبة الخلق ومرتبة المشيئة الإلهية وإيمانك بهما ومقتضى المشيئة الإنسانية والقدرة الإنسانية وإيمانك بهما يقودنا إلى فقه سليم للقدر؛ خلاصته كما يقول علماء الكتاب والسنة: " أفعال العباد كلَّها من الطاعات والمعاصي داخلةٌ في خلق الله، وقضائه وقدره؛ فقد علم الله -عز وجل- ما سيخلقه في عباده، وعلم ما هم فاعلون، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وخلقهم الله كما شاء، ومضى فيهم قدره، فعملوا على النحو الذي شاءه فيهم، وهدى الله من كتب لهم السعادة، وأضل من كتب عليهم الشقاوة، وعلم أهل الجنة ويسرهم لعمل أهلها، وعلم أهل النار ويسرهم لعمل أهلها؛ فأفعال العباد هي من الله خلقاً وإيجاداً وتقديراً، وهي من العباد فعلاً وكسباً؛ فالله هو الخالق لأفعالهم، وهم الفاعلون لها، فنؤمن بجميع نصوص الكتاب والسنة الدالة على شمول خلق الله، وقدرته على كل شيء من الأعمال والأوصاف، كما نؤمن بنصوص الكتاب والسنة الدالة على أن العباد هم الفاعلون حقيقةً للخير والشر، وعلى هذا اتفق أهل السنة والجماعة"