وفاة أبي طالب عمّ النبيّ كان موت عمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مصيبةً أخرى ابتلي بها خلال فترةٍ قصيرةٍ من المصيبة الأول المتمثّلة في وفاة أمّ الؤمنين خديجة رضي الله عنها، فقد كان أبو طالب رغم شركه سنداً وعوناً للنبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وكان يدفع عنه اعتداءات كفار ، فكان إيذائهم للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- خلال حياة عمّه قليلاً بالمقارنة لما فعلوه بعد وفاته، فبعد وفاة أبي طالب فقد كفار قريش آخر ذرّةٍ من نخوتهم، فقاموا بإيذاء النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أشدّ الإيذاء، ممّا زاده حزناً إلى حزنه، ففي تلك الفترة اعتدى كفار قريش عليه بطريقةٍ لم يكونوا يجرؤون على فعلها في حياة أبي طالب، فقد روي أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دخل إلى بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته لتغسل التراب عن رأسه الشريف وهي تبكي، فقال: أي بنيَّةَ لا تبْكينَ فإنَّ اللَّهَ مانعٌ أباك ، ويقولُ ما بينَ ذلِكَ: ما نالت منِّي قريشٌ شيئًا أَكرَهُهُ حتَّى ماتَ أبو طالبٍ ، بالإضافة إلى أنّ أمر إيذاء النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- انتشر في فلم يعد حكراً على الملأ من كفار قريش وسادتهم، بل أصبح عوام الناس يحاولون أذيته، بعد وفاة عمّه أبي طالب؛ ولذلك كان موته سبباً في تسمية بهذا الاسم |
ولم يكن هذا أمرًا ينفرد به أحدٌ دون أحدٍ؛ إنَّما كان عموم المشركين يفعلونه، نعم هناك أكابر المجرمين الذين بالغوا في تطاولهم؛ ولكنَّ أمر الإيذاء فشا في مكة حتى صار العوامُّ يجتمعون عليه صلى الله عليه وسلم يؤذونه، ومن هذا ما رواه الْحَارِثُ بْنُ الْحَارِثِ الْغَامِدِيُّ رضي الله عنه حيث يحكي موقفًا له في طفولته يوم كان يزور مكة مع أبيه فقال: قُلْتُ لأَبِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ |