وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : "هذه الرؤية — يعني الأولى - لجبريل ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الأرض ، فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه ، فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها ، له ستمائة جناح | الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان المقصود بنزول جبريل عليه السلام نزوله بالوحي، فهذا غير صحيح، لأن الوحي قد انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه، لعمر رضي الله عنه: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟! اللهم صل على محمد وال محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما فضائله روى امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع عن النبي ص انه قال: نزل جبرائيل وكنت اصلي خلف المقام، قال: فلما فرغت استغفرت الله عز وجل لأمتي، فقال لي جبرائيل يا محمد اراك حريصا على امتك، والله تعالى رحيم بعباده، فقال النبي ص لجبرائيل: يا اخي انت حبيبي وحبيب امتي، علمني دعاء تكون امتي يذكروني من بعدي، فقال لي جبرائيل: اوصيك ان تأمر امتك ان يصوموا ثلاثة ايام البيض من كل شهر: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، واوصيك يا محمد ان تأمر امتك ان تدعوا بهذا الدعاء الشريف، وان حملة العرش يحملون العرش ببركة هذا الدعاء وببركته انزل الى الارض واصعد الى السماء، وهذا الدعاء مكتوب على ابواب الجنة وعلى حجراتها وعلى شرفاتها، وعلى منازلها وبه تفتح الجنة وبهذا يحشر الخلق يوم القيامة بأمر الله تعالى ، ثم سأل رسول الله جبرائيل عن ثواب هذا الدعاء، قال جبرائيل، يا محمد قد سألتني عن شيء لا اقدر على وصفه، ولا يعلم قدره الا الله ، يا محمد لو صارت اشجار الدنيا اقلاما والبحار مدادا والخلائق كتابا لم يقدروا على ثواب قارئ هذا الدعاء، ولا يقرأه مغموم الا فرج الله همه وغمه ومن صام وقرأ هذا الدعاء كتب الله له ثواب جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل وابراهيم وموسى الكليم ولا تعجب من هذا الفضل الذي ذكرته في هذا الدعاء فإن فيه اسم الله تعالى الاعظم الدعاء سبحان الله العظيم وبحمده، سبحانه من اله ما اقدره، وسبحانه من قدير ما اعظمه، وسبحانه من عظيم ما اجلّه، وسبحانه من جليل ما امجده، وسبحانه من ماجد ما ارأفه، وسبحانه من رؤؤف ما اعزه، وسبحانه من عزيز ما اكبره، وسبحانه من كبير ما اقدمه، وسبحانه من قديم ما اعلاه، وسبحانه من علي ما اسناه، وسبحانه من سني ما ابهاه، وسبحانه من بهي ما انوره، وسبحانه من منير ما اظهره، وسبحانه من ظاهر ما اخفاه، وسبحانه خفي ما اعلمه، وسبحانه من عليم ما اخبره، وسبحانه من خبير ما اكرمه، وسبحانه من كريم ما الطفه، وسبحانه من لطيف ما ابصره، وسبحانه من بصير ما اسمعه، وسبحانه من سميع ما احفظه، وسبحانه من حافظ ما املاه، وسبحانه من مليّ ما اوفاه، وسبحانه من وفي ما اغناه، وسبجانه من غني ما ما اعطاه، وسبحانه من معط ما اوسعه، وسبحانه من واسع ما اجوده، وسبحانه من جواد ما افضله، وسبحانه من مفضل ما انعمه، وسبحانه من منعم ما اسيده، وسبحانه من سيد ما ارحمه، وسبحانه من رحيم ما اشدّه، وسبحانه من شديد ما اقواه، وسبحانه من قوي ما احمده، وسبحانه من حميد ما احكمه، وسبحانه من حكيم ما ابطشه، وسبحانه من باطش ما اقومه، وسبحانه من قيوم ما ادومه، وسبحانه من دائم ما ابقاه، وسبحانه من باق ما افرده، وسبحانه من فرد ما اوحده، وسبحانه من واحد ما اصمده، وسبحانه من صمد ما املكه، وسبحانه من مالك ما اولاه، وسبحانه من ولي ما اعظمه، وسبحانه من عظيم ما اكلمه، وسبحانه من كامل ما اتمّه، وسبحانه من تام ما اعجبه، وسبحانه من عجيب ما افخره، وسبحانه من فاخر ما ابعده، وسبحانه من بعيد ما اقربه، وسبحانه من قريب ما امنعه، وسبحانه من مانع ما اغلبه، وسبحانه من غالب ما اعفاه، وسبحانه من عفو ما احسنه، وسبحانه من محسن ما اجمله، وسبحانه من مجمل ما اقبله، وسبحانه من قابل ما اشكره، وسبحانه من شكور ما اغفره، وسبحانه من غفور ما اصبره، وسبحانه من صبور ما اجبره، وسبحانه من جبار ما ادينه، وسبحانه من ديّان ما اقضاه، وسبحانه من قاض ما امضاه، وسبحانه من ماض ما انفذه، وسبحانه من نافذ ما احلمه، وسبحانه من حليم ما اخلقه، وسبحانه من خالق ما ارزقه، وسبحانه من رازق ما اقهره، وسبحانه من قاهر انشأه، وسبحانه من منشئ ما املكه، وسبحانه من مالك ما اولاه، وسبحانه من وال ما ارفعه، وسبحانه من رفيع ما اشرفه، وسبحانه من شريف ما ابسطه، وسبحانه من باسط ما اقبضه، وسبحانه من قابض ما ابّده، وسبحانه من من باد ما اقدسه، وسبحانه من قدوس ما اظهره، وسبحانه من ظاهر ما ازكاه، وسبحانه من زكي ما اهداه، وسبحانه من هاد ما اصدقه، وسبحانه من صادق ما اعوده، وسبحانه من عوّاد ما افطره، وسبحانه من فاطر ما ارعاه، وسبحانه من راع ما اعونه، وسبحانه من معين ما اوهبه، وسبحانه من وهّاب ما اتوبه، وسبحانه من توّاب ما اسخاه، وسبحانه من سخيّ ما انصره، وسبحانه من نصير ما اسلمه، وسبحانه من سلام ما اشفاه، وسبحانه من شاف ما انجاه، وسبحانه من منج ما ابرّه، وسبحانه من بار ما اطلبه، وسبحانه من طالب ما ادركه، وسبحانه من مدرك ما ارشده، وسبحانه من رشيد ما اعطفه، وسبحانه من معطف ما اعدله، وسبحانه من عدل ما اتقنه، وسبحانه من متقن ما احكمه، وسبحانه من حكيم ما اكفله، وسبحانه من كفيل ما اشهده، وسبحانه من شهيد ما احمده، وسبحانه هو الله العظيم وبحمده، والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر، ولله الحمد ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم دافع كل بلية وحسبنا الله ونعم الوكيل |
---|---|
وقد أورد المفسرون على هذا التوجيه إشكالات عدة ، سيتبين بعضها فيما يأتي من جواب على إشكال السائل ، وهو كيف رأى السامري جبريل والمعلوم أن البشر لا يرون الملائكة | ودعا أبو منصور الماتريدي إلى السكوت عما سكت القرآن عنه ، من غير زيادة ولا نقصان في تفسير تلك الحادثة |
وقال عنه كذلك: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ، 5 و6.
29قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : رأى جبريل له ستمائة جناح | أما الإيمان فيتضمن أمورا ثلاثة : الإقرار بالقلب ، والنطق باللسان ، والعمل بالجوارح والأركان ، فالإقرار بالقلب معناه أن يصدق بقلبه كل ما ورد عن الله تعالى ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشرع الحكيم ، ويسلّم به ويذعن له ، ولذلك امتدح الله المؤمنين ووصفهم بقوله : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } الحجرات : 15 ، ويقابل ذلك النفاق ، فالمنافقون مسلمون في الظاهر ، يأتون بشعائر الدين مع المسلمين ، لكنهم يبطنون الكفر والبغض للدين |
قال: فيقولونَ كلُّهم مثلَ ما قال جِبْرِيلُ، فينتهي جِبْرِيلُ بالوَحْيِ حيثُ أمَرَه اللهُ.
21وكان الأثر بمعنى التعليم ، أي الشريعة | ثم سأل جبريل عليه السلام عن الساعة وعلاماتها ، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها مما اختص الله بعلمه ، وهي من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله ، لكنه بين شيئا من أماراتها ، فقال : أن تلد الأمة ربتها ، يعني أن تكون المرأة أمة فتلد بنتا ، وهذه البنت تصبح سيدة تملك الإماء ، وهذا كناية عن كثرة الرقيق ، وقد حصل هذا في الصدر الأول من العهد الإسلامي |
---|---|
وجاء في : وقد ورد في صفة جبريل أمر عظيم قال عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى قالوا كان من شدة قوته أنه رفع مدائن قوم وكن سبعاً، بمن فيها من الأمم وكانوا قريباً من أربعمائة ألف، وما معهم من الدواب والحيوان وما لتلك المدن من الأراضي والمعتملات والعمارات وغير ذلك، رفع ذلك كله على طرف جناحه حتى بلغ بهن عنان حتى سمعت نباح كلابهم وصياح ديكتهم ثم قلبها فجعل عاليها سافلها فهذا هو شديد القوى |
ولو تأملت معنا تفسير الصحابة والتابعين مرة أخرى أدركت هذا الفارق : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما قذفت بنو إسرائيل ما كان معهم من زينة آل فرعون في النار ، وتكسرت ، ورأى السامري أثر فرس جبرائيل عليه السلام ، فأخذ ترابا من أثر حافره ، ثم أقبل إلى النار فقذفه فيها ، وقال : كن عجلا جسدا له خوار ، فكان للبلاء والفتنة ".
24