حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ وقال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله | وهذا لا يعني أنّ المرأة لا تمتلك هذه الصفات وأنّها مفتقرة إليها بشكل كامل، وإنّما يعني ظهور هذه الصفات لدى جنس الرجال بشكل أوضح وأشد، فقوامة الرجل على المرأة هي نتيجة لفضله وليست مأخوذة بالغلبة والاستبداد والقهر، فمن المنطقي والمعقول أنّ التفاوت في الفطرة والقدرة يعني تفاوتًا في التكاليف والأحكام، ومنها قوامة الرجل في الإسلام |
---|---|
إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا | وقالت نصير: «قوامة الرجل لم تكن أبداً مبرراً للتحكم أو التسلط على المرأة، وإنما تفرض على الزوج أن يستشير زوجته فيما يتعلق بأمر الأسرة، وأن يحسن عشرتها، وأن لا يظلمها، ولا ينتقص من شأنها أو كرامتها» |
والسبب الثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة هو: ما أنفقه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وما يلزمه في العقل والدية، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، وقد أشار إليه في الآية بقوله وبما أنفقوا من أموالهم.
19وينظر بيان ما ورد في ذلك في جواب السؤال رقم | واعلموا أن الزوج الفاشل هو الذي يهدد زوجته بالطلاق دائمًا، والمعلم الفاشل هو الذي يهدد طلابه بالاختبار دائمًا، حيث تجد المعلم يدرِّس أربعين سنة ولا يأتي هذا على لسانه، وآخر كلما دخل وخرج هدد بالاختبار ووضع له موعدًا، وتجد الزوج الفاشل مع زوجته كلما دخل عليها هددها بالطلاق ولو لم يكن إلا فاشلًا لطلقها وأراحها بدلًا من أن يعذبها بوضع السكين في رقبتها كلما دخل أو خرج، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين |
---|---|
وقد تحدث فقهاء الإسلام في تفسير تلك الآية باستفاضة وعلى نحو واسع بينوا فيها أسباب القوامة وما لها من ضوابط حيث تذهب إلى ما يتحمله الرجال من مسؤولية الرعاية والإصلاح وتدبير الأمر وعلى ذلك فإن القوامة تكليف للرجال ومنحة للنساء | اهـ وفيه دِلالةٌ واضحةٌ من هذا الوجه على ثُبوتِ فسخ النكاح عند الإعسارِ بالنفقةِ والكِسوةِ؛ وهو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ |
سبب نزول آية: الرجال قوامون على النساء ما هي الحادثة التي كانت سببًا في نزول قوله تعالى: الرجال قوّامون على النساء؟ ذكر المفسّرون عند تأويلهم تلك الآية الكريمة حادثةً كانت سببًا في نزولها بحسب ما تناقله أهل العلم، وهذه الحادثة هي أنّ زوجة سعد بن الربيع واسمها: حبيبة بنت زيد بن خارجة، قد نشزت عليه فلطمها، فاشتكى أبوها ذلك لرسول الله فحكم لها بالقصاص منه، فذهبت مع أبيها لتقتص من زوجها، فأمرهم رسول الله بالرجوع لأنّ جبريل قد أتاه بالوحي، و نزل قوله تعالى: {الرجال قوَّامون على النساء}، وقيل أنّها نزلت في جميلة بنت أبي وزوجها ثابت بن قيس بن شمَّاس، وقيل أيضًا أنّ زوجة سعد بن الربيع هي عميرة بنت محمد بن مسلمة.
21تفسير الطبري كيف فسّر الطبري قوله تعالى: الرجال قوّامون على النساء؟ أشار الطبري -رحمه الله- في تفسير الآية إلى أنّ الرجل هو أهل القيام على زوجته، ويجب عليه الأخذ بيدها حتّى تؤدّي حق الله عزّ وجلّ، وتقوم بواجباتها الزوجية فتطيع زوجها وتؤدّي حقّه، فقوامة الرجل على المرأة نتيجة لفضلها عليها وإنفاقه من ماله عليها كالمهر والنفقة وكفايتها مؤونتها، فصار نافذ الأمر عليها، ونقل عن الضحّاك في تفسير هذه الآية بأنّ للرجل أن يضرب زوجته ضربًا غير مبرح إذا لم تستمع لأوامر زوجها وامتنعت عن طاعته، فالتأديب والإنفاق والأمر بطاعة الله هو مقتضى القوامة كما يراها الإمام تفسير القرطبي ما تفسير الرجال قوّامون على النساء، في نظر القرطبي؟ تطرّق -رحمه الله- لمسألة قوامة الزوج على زوجته من خلال تفسير قول الله تعالى: {الرجال قوّامون على النساء}، فقال أنّ هذه القوامة تعني قيام الرجل بالنفقة على زوجته والذب عنها، وقيام الرجال بشكل عام بمهام الحكم والجهاد والغزو وإمارة المسلمين، وهذه الأعمال لم يقرّ الشرع قيام النساء بها، ويندرج تحت معنى القوامة قيام الرجل بتأديب زوجته وتدبير أمرها، وله أن يمسكها في البيت ويمنعها من الخروج، وعليها أن تُطيع أوامره فيما لم يكن فيه معصية، والسبب في ذلك لأنّ الفضيلة للرجل في الإنفاق والعقل والقوّة البدنية، والجهاد والأمر بالمعروف والميراث، فالقوّام صيغة مبالغة تعني القيام بالأمر والاستبداد بالنظر فيه، وبذل الجهد في حفظه | |
---|---|
وهذا المعنى مقبول عرفاً، وهو الظاهر من الآية، كما يصح لنا أن نقول: إنّ الزوجة إذا أنفقت على زوجها وكان طريح فراش المرض وقامت بأمره ودارت شؤونه، فهي صاحبة فضل عليه بهذا المقدار، فليست الآية ناظرة إلى التفضيل المطلق | فينبغيْ للنساءِ أنْ يفهمنَ هذا ويقْنَعنَ ويُسَلِّمْنَ لله تعالى، فمنْ سلَّم للهِ تعالى سَلِمَ |
وإذا راجعنا كلمات اللغويين في تفسير "قوّام" رأيناها جميعاً لا دلالة لها على إعمال القدرة والسيطرة، وإعمال الأوامر والنواهي على الزوجة، بل معناها المحافظة والاهتمام بالشخص وتدبير شؤونه.
22