وفاتها توفيت السيدة زمردة خاتون في يوم الجمعة الموافق للسادس عشر من ذي القعدة سنة 616 هـ توفيت ست الشام بدمشق بدارها المقابلة للبيمارستان النوري وتم تشييعها بجنازة رهيبة تحدثت عنها الركبان فقد سار الناس وراء نعشها بالآلاف وهم يردِّدون الأدعية لها ويقال بأن جنازتها كانت فريدة إذ لم تشيع امرأة قبلها بمثل ما شُيعت به خاتون ست الشام حيث دفنت مع ولدها حسام الدين وبجوار زوجها واخيها | تُلقب بـ"عصمة الدين" فهي المعتصمة بدينها ودومًا في خدمة العلم والعلماء، وهي "أخت السلاطين"، فلها من الأشقاء وأبناء الأعمام والأخوات ما يقرب من 35 ملكًا، وقالوا عنها "ست الشام" لما تكنه من حب وبر بالشام وأهله، هي فاطمة خاتون بنت الأمير نجم الدين أيوب وأخت القائد صلاح الدين الأيوبي |
---|---|
وهي زوجة صاحب ، يخطئ بعض المؤرخون باسمها فيسمونها زمرد | وزادت على ذلك أن تعلمت صناعة الدواء والطب، فأنشأت مصنعًا للأدوية، وكانت الأولى في عصرها التي تدشن هذا المشروع الذي ظل حكرًا على الرجال، بل كانت تورد الأدوية لجيش أخيها صلاح الدين، وجعلت من هذا المصنع قبلة للنساء الراغبات في العمل، فانضم إليه مئة امرأة لكن بشروط، الأول حفظ كتاب الله، والثاني أن تكون المرأة ماهرة في ركوب الخيل، وحين سئلت عن هذا الشرط الأخير أجابت: "ما أراهن إلا مجاهدات يحتجن إلى ركوب ظهر الخيل ويكن في قلب الجيش الإسلامي" |
في ذيل الروضتين مايلي: قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: كانت سيدة الخواتين، عاقلة، كثيرة البر والإحسان والصدقات وكان يعمل في دارها من الأشربة والمعاجين والعقاقير في كل سنة بألوف الدنانير مما يجعلنا نقول أنها كانت جديرة بلقب ست الشام.
17وقبل هذا وبعد فهي شقيقة سلطان مصر والشام ومحرر بيت المقدس صلاح الدين الأيوبي، وقد تزوجت مرتين، الأولى بداية حياتها من عمر بن لاجين الذي وافته المنية مبكرًا، وأنجبت منه ابنها الوحيد "حسام"، ثم تزوجت بعد ذلك ابن عمها ناصر الدين محمد بن شيركوه وعاشت معه في حمص، إلا أنه توفي هو الآخر في 1186م بعد أن ترك لها ثروة هائلة، لتنتقل بعدها إلى دمشق، حيث اشترت منزلًا كبيرًا أمام البيمارستان النوري مستشفى | أما المدرسة الثانية فهي المدرسة الشامية الجوانية، وسميت بهذا الاسم لأنها أوصت ببنائها داخل بيتها المجاور للبيمارستان، وهو ما تحقق بعد وفاتها، وظلت لسنوات طويلة منارة للعلم ومقصدًا للباحثين الشرعيين، ليبقى الكيانان شاهدين على الأيادي البيضاء لست الشام في رعاية العلم ودعم العلماء |
---|---|
راعية العلم أبرز ما قامت به إنشاء مدرستين عظيمتين، هما: 1- المدرسة الشامية البرانية: أنشأتها سنة 582 هـ، وتعرف بالمدرسة الحسامية نسبة إلى ابنها الأمير حسام الدين | بلغ حبها للشام وأهله أن سخرت حياتها لرفعة دمشق والمدن المجاورة، فوضعت البذور الأولى لبناء تعليمي مميز، وروته بمعين الرعاية والاهتمام، وأنفقت عليه من سنين عمرها وخزائن مالها، فأخرج بستانه اليانع الذي فاح عبيره في كل ربوع الشام، فتنسمه القاصي والداني |
مجاهدة في صفوف جيش المسلمين في أحد الأيام قالت فاطمة لزوجها ناصر الدين شيركوه وأخيها صلاح الدين: "أريد عدة لكتيبتي تقصد النساء العاملات معها في مصنع الأدوية وطالبات العلم في المساجد ، وكانت تطلب توفير الخيل على وجه التحديد، فأجاباها لماذا؟ فأشارت حتى يكن على أهبة الاستعداد حال قيام أي حرب مع جيوش العدو.
تُعد المرأة في العصر الأيوبي من أهم ركائز وأعمدة الحركة العلمية والسياسية في الدولة والذي أهّلها لتكون سيدة الشرق في القرنين السادس والسابع الهجريَّيْن | اجواء الجهاد عاصرت السيدة زمردة خاتون أجواء الجهاد ضد الصليبيين الذي كان للأمراء الزنكيين الدور الأكبر فيه فتجاوبت مع هذه الأجواء وبينما كان الأمراء من بني أيوب يحملون السلاح دفاعاً عن حياض الإسلام كانت السيدة زمردة تقوم بدور اجتماعي وتعليمي لا يقل أهمية عن الأدوار الجهادية |
---|---|
كانت ست الشام الجندي المجهول الذي قام على إعمار المدارس والاهتمام بالأدب والأدباء كما بذلت جهوداً كبيرة لتحفيظ ولعل أفضل ما تركته بناء مدرستين كبيرتين هما و وجلبت لهما أحسن المدرسين وجعلتها للفقهاء والمتفقهين من أصحاب الإمام فكانت بمثابة جامعة من جامعات ذلك العصر | كانت تحتل فاطمة مكانة كبيرة في قلب الناصر صلاح الدين، فكان قدوتها الأقرب إلى عقلها قبل قلبها وتعد "ست الشام" أحد أبرز أميرات الأسرة الأيوبية، فهي شقيقة الملك نور الدولة شاهنشاه صاحب بعلبك، وشقيقة المعظم شمس الدين توران شاه صاحب الإسكندرية، والعادل سيف الدين وظهر الدين سيف الإسلام، كذلك هي شقيقة الأميرة ربيعة خاتون، ذات الصيت الكبير |
وقد أوقفت الست زمردة خاتون على المدرسة أوقافاً ضخمة من أموالها.