وعند استكمال القافلة مسيرها سأل أمية رفيقه: "هل لك أن نسبق القوم؟"، وانطلق مسرعاً براحلته فلحق به أبو سفيان حتى سبقا الرَكب مسافة ساعة صامتين، ثم أخيراً قال أمية: "هيا صخر اسم أبي سفيان ، هل لك في حديث؟" فأجابه: "هيا"، فسأله: "قل لي عن عتبة بن ربيعة، هل يجتنب المحارم؟" فأجابه: "بلى والله"، فعاد يسأله: "ويصل الرحم؟" فأجابه: "بلى يصله"، فسأله: "وكم بلغ من العمر؟" فأجاب أبو سفيان: "قد زاد على المئة"، فسأله أمية: "فالسن والشرف والمال قد أزرين به؟"، فأجابه رفيقه مستنكراً: "لا والله بل زادوه شرفاً"، فعاد أمية يلزم الصمت | أدرك الإسلام ولم يدخل فيه |
---|---|
الأسطورة والسرد وجمالية الشعر دراسة في قصيدة لأمية بن أبي الصلت تقديم: شكلت الحياة منبعاً للإحساس بالقلق والخوف، وعجز العقل الإنساني وقصر عن إعطاء تفسير للوجود، وأخفق المنطق في الوصول إلى الحقيقة، ووعى الشاعر العربي القديم، بالتناقض بينه وبين العالم، ودفعه ذلك إلى مواجهته |
التعلق بالأمل ثم انهياره كان أمية بن أبي الصلت شاعراً يطوف بالبلاد كالشام واليمن والحجاز، وإن كان ثقفي الأب إلا أن أمه كانت من قريش، وتحديداً من آل عبد شمس بن عبد مناف، أبناء عمومة بني هاشم، وكان خلال ارتحاله في بلاد الشام التي غلبت عليها المسيحية، يختلف إلى الرهبان ويبدي ولعاً بسماع حكايا الكتاب المقدس، خاصة تلك التي تنبئ بمبعث نبي رسول يكون "خاتم المرسلين" وآخر الأنبياء، تمهيداً لنهاية الزمان.
قدم الشام قبل ظهور الإسلام وكان مطّلعاً على الكتب القديمة فبشّر بظهور النبي، وحرّم على نفسه شرب الخمر ونبذ عبادة الأوثان | |
---|---|
وهاجر رسول الله إلى المدينة، وحدثت وقعة بدر، وعاد أمية من الشام، يريد الإسلام، فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له، فامتنع | مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم صلى الله عليه واله خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين: 1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة |
قال: فساروا في تلك المحلة لعلهم يجدون أحدا يسألونه عما قد حل بهم من العناء، إذا نار تلوح على بعد، فجاءوها فإذا شيخ على باب خيمة يوقد نارا، وإذا هو من الجان في غاية الضآلة والدمامة، فسلموا عليه فسألهم عما هم فيه، فقال: إذا جاءتكم فقل باسمك اللهم.
يرى الأستاذ كليمان هوار أنَّ وجود شعر أمية دليل ضد النبي والقرآن، وبهذا يعلل محاربته ومحوه، ويرى مؤلف الشعر الجاهلي في الشعر نفسه دليلًا على أنَّ للإسلام قدمة وسابقة في البلاد العربية، فهل يحنق لوجود هذا الدليل الذي يؤدي إلى صحة النبوة وصدق القرآن فيدَّعي انتحال شعر أمية؟ وإذا كان المسلمون قد انتحلوا هذا الشعر المنسوب إلى أمية انتحالًا، فما قوله في غير أمية من المتحنفين الذين سبقوا النبي وعاصروه، ولهم أخبار وأشعار ثابتة، فهل انتحلها المسلمون وزوروها؟ ومنهم قس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأرباب بن رئاب، وسويد بن عامر المصطلقي، وأسعد أبو كرب الحميري، ووكيع بن سلمة بن زهير الإيادي، وعمير بن جندب الجهني، وعدي بن زيد العبادي، وأبو قيس صرمة بن أبي أنس، وورقة بن نوفل القرشي، وعامر بن الظرب العدواني، وعبد الطابخة بن ثعلب، وعلاف بن شهاب التميمي، ولكلٍّ من هؤلاء تاريخ ونسب وشعر، فهل كلهم أشخاص ولدهم خيال المسلمين، وانتحل الشعر ونسبه إليهم ليثبت أنَّ للإسلام قدمة وسابقة في البلاد العربية، فأين كان يصنع ذلك الشعر المنحول؟ ومن انفرد بخلق هؤلاء الحكماء والشعراء المزيفين؟ وكيف خفيت تلك الحقائق الكبيرة الخطورة على كل العلماء والباحثين والمؤرخين؟ فلم يكتشفها إلا جناب مؤلف الشعر الجاهلي في هذا الزمن الأخير؟! والأسطورة في هذا النص الشعري القصصي تعلل سبب فقد الديك لجناحيه، وتبين صياحه كل صباح لكنها لا تكتفي بهذا، بل تجلي حقيقة الغراب المتسمة بالخيانة والغدر، "فالغراب عند العرب مع هذا كله، قد خدع الديك وتلعب به، ورهنه عند الخمار، وتخلص من الغرم، وأغلق عند الخمار، فصار له الغنم وعلى الديك الغرم" | وعاد إلى الطائف فسأل عن خبر محمد، وقدم مكة وسمع منه كلاماً من قرآنه وسألته قريش رأيه: فهل تتبعه؟ فقال: حتى أنظر في أمره |
---|---|
لم يكن للصحابي أبي عمر الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه أن يرفض ذلك المطلب النبوي أو يرده، وإن معه من شعر أمية، وما أجمل شعر أمية! أهو هو من يقصده صلى الله عليه وسلم؟ نعم | الكل أتاني فسألني عن تجارته إلا هو جاء فزارني وسأل عني ولم يسألني عما بعث معي من تجارة"، فقالت له هند: "أوما تدري ما خبره؟" فسألها: "وما خبره؟" فأجابته ببساطة: "يزعم أنه نبي مرسل يتلقى خبر السماء"، فأصاب أبا سفيان فزع شديد |
فهل جاء أميّة بمثل ما جاء به محمد من قرآن، أم جاء بأفضل منه، خياران لا ثالث لهما ولك أنت أن تحكم.