فهذه الأحاديث ليس فيها أنه لا يُشْرَع صوم يوم عاشوراء ، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم تَرَك صيامه بالكُليّة ، بل غاية ما فيها أنه تُرِك صيامه فَرْضا ، بدليل ما جاء في الأحاديث : " فكان مَن شاء صامه ، ومَن شاء لم يَصُمه " ، فهو باقٍ على التخيير ، وصيامه سُنّة بدليل حديث أبي قتادة | وأما السنة ، فقوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ اللَّهَ لا يَجْمَعُ أُمَّتِي - أَوْ قَالَ : أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضَلالَةٍ |
---|---|
عاشرا : القول بـ أن عاشوراء كان يوم عيد عند اليهود فصاموه ، والحري بهم أن لا يصوموه بل ينبغي لهم أن يفرحوا فيه ويأكلوا ويشربوا ويتصدقوا معلوم أن يهود ليسوا على مِلّة واحدة ، ولم يكونوا في منطقة واحدة ، فبعضهم كان في المدينة ، وبعضهم كان في خيبر | يُضاف إلى ذلك : أنه وَرَد في حديث ابن عباس : قالوا : يا رسول الله إنه يوم تُعظِّمه اليهود والنصارى |
فهل غاب هذا النقد البارد عن جهابذة السُّنّة وصيارفتها ونُقّادها ؟! ومن أشكال الإحتفال بيوم عاشوره على حسبًا لأهل السُنة هو الصوم والصلاة، فدعاء الصائم مستجاب، وفضل صوم يوم عاشوراء ميزة عظيم، ولذلك جمعنا لكم صلاة يوم عاشوراء، عسى الله أن يجيب دعائنا وجميع أدعية المسلمين والمسلمات.
18فليس فيه أن ذلك كان أوّل ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، ولا أن ذلك في أول مَقْدَمه المدينة | الوجه الثاني : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يُحَابُون الأمراء ولا يُجاملونهم على حساب دِينهم ، بل يُنكرون عليهم علانية |
---|---|
فَقَول فهل هو يأخذ الدين من الله أو من اليهود فيه سوء أدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع منْزِلة علماء الأمة ، وكأن هذا خَفِي على جميع علماء الأمة | ومع ذلك ، يختلف اليوم في التقويم الميلادي لأنه تقويم شمسي |
وأما طريقة أهل الزيغ والضلال والبِدَع : فإنهم يَضْرِبون الأحاديث بعضها ببعض ، ويتّخذون ذلك ذريعة لِرَدّ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، والطّعن في السُّنة ، وتشكيك الناس في دينهم.
19وأما قول : فكيف لابن عباس أن يقول رأيت النبي عليه السلام يصوم عاشوراء ، ويتحدث أيضا عن قصة صيامه له أول ما دخل المدينة وأنه رآه يصوم أكثر من عاشوراء ، وهو لم يتجاوز عمره السنتين حيث إن من المعلوم أن ابن عباس رضي الله عنه وُلد قبل الهجرة بسنتين وهذا مردود مِن وجوه : الوجه الأول : أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يَقُل إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء ، والذي في صحيح البخاري : قال ابن عباس رضي الله عنهما : قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فَرَأى اليهود تصوم يوم عاشوراء | قال القرطبي في " الْمُفْهِم " : ظاهره أنه كان عَزم على أن يَصوم التاسع بدل العاشر ، وهذا هو الذي فهمه ابن عباس حتى قال للذي سأله عن يوم عاشوراء : إذا رأيت هلال الْمُحرَّم فاعْدُد وأصبح يوم التاسع صائما |
---|---|
فكيف يُظنّ بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحاباة أحد كائنا مَن كان ؟ الوجه الثالث : أنه لا يُعرَف في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم مَن وَقَع في البِدْعَة ، وقد زكّاهم الله تبارك وتعالى ، وزكّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يصِحّ ولا يجوز القول بأن صيام يوم عاشوراء بِدعة ابتدعها معاوية رضي الله عنه | ويُحتمَل أن يَكون سؤاله عليه الصلاة والسلام لليهود مثل سؤاله لهم عن آية الرَّجْم في التوراة ؛ لا ليستدلّ به ، ولا ليتَعلَّم مِن اليهود - كما زَعموا - ، ولكن ليُعلم مُوافقة ما جاء به عليه الصلاة والسلام لِمَا جاء به موسى عليه الصلاة والسلام ، وأنه يَخرج مِن مشكاة واحدة ، كما سيأتي |